المقالات

مذكرات مليشياوي سابق – الحلقة الخامسة

1551 19:05:00 2008-09-12

( بقلم : أحمد مجبل العراقي )

لم تكن الأجواء هادئة كما لم تهدأ منذ شهور في المدينة ، اتصل بي أحد أفراد الجيش ( جيش المهدي ) و قال أنهم فقدوا خمسة عناصر من سرية الشيخ وسام سيجري تشييعهم و عليّ المجيء للاشتراك في التشييع و أكد أيضا على أهمية المرور بالخطاط رعد لجلب لافتة خطوا عليها شعارا معينا . كنتُ عزمت على الذهاب إلى المكتب للسؤال عن فتوى السيد رقم 935 في منهجه و لكن أيضا لا يمكن التخلف عن المشاركة في التشييع . خصوصا و الحق أقوله لكم إنني كنت أهاب ذلك الرجل الضخم الجثة المكنى بأبو أحمد الذي أصبح المسؤول المباشر عن المجموعة أو السرية التي أنتمي إليها . قررت في النهاية الذهاب للتشييع الذي دام ساعتين تقريبا و خلاله سألت أحد الذين يخرجون معنا عن تلك الفتوى التي قال أنه لا يذكرها وعليه مراجعة المنهج فذكرته بفحواها فاستهزأ بالموضوع ورد قائلا : هاي شبيك قابل السيد القائد ما يعرف فتاوى والده الولي المقدس ؟

ثم ردد الحديث القائل : لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق و مقاومة المحتل واجب عقلا و شرعا . لم أكن تلك اللحظة ساذجا لاقتنع بهذا التبرير لأن المقاومة شرعا تعني الجهاد و الجهاد واجب في حالة توفر الشروط و الشروط قرأتها البارحة في الصفحة السابقة للصفحة التي وجدت فيها الفتوى المتعلقة بقضية منع الوالدين لأبنهما من الخروج للجهاد و الجهاد الدفعي فقط . مساء و بعد انتهاء التشييع انفجرت سيارة مفخخة و كنت قريبا من الانفجار الذي وقاني الله شره و بقيت حيا بطريقة تثير العجب .. تطايرت بعض الجثث لمواطنين أبرياء قريبا من إحدى البنايات المتهالكة و الطريف أنه بعد وقوع الانفجار تناقل الناس أنه كان بصاروخ أطلقته طائرة أمريكية و ليس سيارة مفخخة ، منذ تلك الحادثة و كما يقال " غسلت إيدي " من كل الروايات و الكلام الذي أسمعه عن التفجيرات و القول مرة إن الأمريكان هم من يقومون بها و مرة إن جهاز مخابرات معين زرعها و ليس انتحاري فالحادثة السابقة كانت السيارة التي انفجرت قد مرت بي قبل انفجارها على مسافة اقل من مائة متر ، و كان قد جذب انتباهي كونها تسير ببطء مع أن الشارع كان خاليا تقريبا من أي ازدحام .

ليلا اجتمعنا في بيت أحد الأفراد و كان أحد المشايخ حاضرا ممن له وزنه ولنشير إليه هنا بـ " ر. خ " وقد وجدت الجو مناسبا للاستفسار عن القضايا التي تدور في ذهني و ادعيت أن أحد أخواني سألني عنها . وهذا نص الحديث الذي دار بيني و بين الشيخ " ر.خ " : - شيخنا هناك فتوى للولي المقدس تقول بمنع الوالدين لولدهما إذا كان الجهاد غير تعييني أي ليس بأمر الإمام المعصوم - يا فتوى هاي تقصدها - الفتوى رقم 935- إي .. صحيح بس أنت افتهمت السيد شيريد ؟ - هو السؤال عن هاي ؟ - حبيبي الفتوى تقول ، ثم طلب من صاحب البيت الذي كنا مجتمعين فيه أن يأتيه بالجزء الثاني من كتاب منهج الصالحين و قام بفتحه و قراءة الفتوى بالنص ثم أكمل .. لاحظ حبيبي يقول السيد : " إذا منع الأبوان ولدهما من الخروج إلى الجهاد فإذا كان وجوبه عينيا وجب خروجه ولا اثر لمنعهما " و لكن متى يكون الجهاد تعيينا ، هنا نعود إلى المسألة رقم 933 .. لاحظ ما جاء هنا : ... إذا كان عدد المجاهدين قليلا و تتوقف الحاجة عليه في الخروج .. هاي هيه !- صحيح مولاي بس اخوي يقول إن الحاجة الآن لا تتوقف على عدد فاغلب الولد كاعدين و ما مشتركين يعني اشلون يصير تعييني ؟ - أخي لعد شنو الحل براي أخوك نقلل عدد الجيش علمود تصير أكو حاجة و بعدين نرجع اللي حليناهم ( هنا تضاحك الجميع و ضحكت معهم ) - هم صحيح مولاي بس أكو شغلة ثانية لأن اخوي يقول هو الجهاد ما ثابت من الأصل على أساس الفتوى رقم 930 فشلون يصير تعييني ؟ - يابه هاي الفتوى 930 .. اسمع ماذا تقول : الجهاد الدفاعي و نتيجته صد المهاجمين على البلد المسلم وقيده المشهور الخوف على بيضة الإسلام بحيث لولا الدفاع فانه يندرس الإسلام تماما.. و بدون توفره لا يجب الجهاد .. - صح شيخنا بس هذا القيد يقول أخوي هو اللي ما يخلي القضية اتصير واجبة - اشلون يابه ؟- الفتوى تنص على أن الجهاد الدفعي يجب على المسلمين عندما يخاف على بيضة الإسلام و السيد وضع قيدين الأول أن يندرس الإسلام و الثاني " تماما " يعني كلشي ما يبقى منه .. - إيه .. و هذا الجاي يصير الأمريكان يحاربون الإسلام و يريدون يطبقون العلمانية بالعراق . - شيخنا القضية تتعلق ببيضة الإسلام و الخوف من اندراسها و تماما ؟قال بعد أن أظهر تضايقا واضحا و تأفف أكثر من مرة : - أبويه بيضة الإسلام تعني قوته و الأمريكان يريدون إضعاف الإسلام و محاربة الحوزة الناطقة - العفو شيخنا البيضة مو قوة الإسلام بهذا المعنى ، اللي أعرفه المقصود ببيضة الإسلام هو أنك إذا دخلت في بلد و عرفت من مساجده و مظاهره و الطقوس التي تؤديها الناس و الأمور الأخرى أنه بلد مسلم و ليس مسيحيا أو يهوديا أو كافرا و لم تتغلب مظاهر أهل الكتاب أو الكفار على مظاهر الإسلام و المسلمين و هذا التعريف موجود بأغلب كتبنا و متسالم عليه .. و الحقيقة إن الأمر بعد سقوط هدام تغير كثيرا بحيث بانت ملامح و مظاهر الإسلام أكثر مما كانت أيام هدام فليش ما كان الجهاد بوكت هدام واجب لأنه أوكد من هسه .. فضلا عن القيد الثاني الذي يقول باندراس معالم الإسلام و ظاهره " تماما " و شيخنا ( تماما ) هاي كنا أقرب لها في ذاك الوقت منها الآن .. شيخنا ؟ و على فرض نية الأمريكان مثل ما قلتَ فالأمر لا يتعلق بالنوايا لأنه لم يمنع الأمريكان الزيارات و الطقوس الدينية و لا هدموا المساجد و لم يقيموا الكنائس .. بل تكاثرت بعد السقوط و ...

لم أكمل لأنني شعرت للحظة نتيجة تلك النظرات الحادة التي حدجني بها الجميع أنني ربما ارتكبت خطا فادحا يدفع إلى التشكيك بكوني ربما مخبرا سريا أو ما شاكله كما حدث لأحد عناصر جيش المهدي و تم اغتياله في اليوم التالي بعد مشادة حول قضية قريبة من هذه التي طرحتها .

لقد كان الجدال أو النقاش عقيما مع ذلك الشيخ لأنه مشبع بقناعة سائدة لدى جميع الصدريين لم استمر في أسئلتي و استفساراتي و لكنني تأكدت من شيء واحد فقط هو إننا نعيش خدعة كبرى نسجتها مخيلة مقتدى الصدر و من حوله .. فحتى طبقا لفتاوى السيد الشهيد الصدر لا يجب الجهاد و هذا ما أنا متأكد منه تماما الآن و ما اعترف لي أخيرا به قبل مغادرة مدينة الصدر الكثيرون و ادعوا أن القضية منحصرة في واجب عقلي هو المقاومة ما يعني أننا كنا في تلك الفترة نستغفل لأغراض خاصة بمقتدى الصدر و جماعته و سأعرض للنقاش الذي دار بيني و بين أحد شيوخ المكتب في منطقة حي الأمين حول المقاومة و شرعيتها و الأعمال التي يقوم بها من يدعيها كذلك سأتحدث عن عملية كان لها صدى واسع في بغداد و أنا أحد المشاركين فيها للأسف ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك