المقالات

حتى لاتهيمن ثقافة العسكرتاريا على ثقافة المجتمع المدني المعايير الصحيحة للتعاطي مع مجالس الصحوات والاسناد

1218 22:43:00 2008-09-17

( بقلم : احمد عبد الرحمن )

شغلت في الاونة الاخيرة قضية مجالس الصحوات، وقضية مجالس الاسناد، حيزا كبيرا من اهتمامات وسائل الاعلام والاوساط والمحافل السياسية، الاولى لان القوات الاميركية سلمت ملفها بالكامل الى الحكومة العراقية، والثانية لانها اخذت تتشكل في محافظات عديدة تتمتع بأوضاع امنية جيدة، الامر الذي دفع الى طرح تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة وكبيرة حول مغزى وجدوى تشكيل مثل تلك المجالس، في وقت ينبغي تقوية الحكومات المحلية وتعزيز وتفعيل صلاحياتها وصلاحيات وادوار ومهام ووظائف مجالس المحافظات، ومختلف الاجهزة الحكومية.

ولعله معروف لدى الكثيرين ان مجالس الصحوات تشكلت في محافظات ومناطق عديدة اولها وابرزها محافظة الانبار في صيف عام 2006، في خضم ظروف واوضاع امنية حساسة وخطيرة، كان من بين ابرز معالمها ومظاهرها سيطرة تنظيم القاعدة الارهابي وتنظيمات ارهابية اخرى على مناطق واسعة من محافظات مثل الانبار وديالى والموصل وبغداد، وبمرور الزمن تزايدت اعداد منتسبي الصحوات من الاف قليلة الى عشرات الالاف، ومع حصول تحسن كبير في الاوضاع الامنية اصبح لزاما على الجهات المعنية ان تضع اليات وسياقات للتعاطي مع تلك المجالس بشكل يضمن استيعاب واحتواء العناصر الجيدة في الاجهزة الحكومية الامنية والعسكرية والمدنية، أي ان عملية فرز وتمحيص دقيقة لتلك المجالس امر لابد منه، لان هناك اسماء وهمية كثيرة، وهناك اناس انخرطوا في مجالس الصحوات وهم في الواقع منتسبون لمؤسسات حكومية ويتقاضون رواتبا وحقوقا من الدولة، وهناك اناس كانوا يعملون في تنظيمات ارهابية وضالعين في جرائم ضد ابناء الشعب ووجدوا في وقت من الاوقات ان الخيار الافضل لهم الانخراط في مجالس الصحوات، وهكذا..

عملية الفرز والتمحيص هذه ستضع الامور في نصابها الصحيح، وتوجهها بالمسار الصائب والسليم، دون ان يكون هناك حيف وغبن، ودون ان يكون هناك تجاوز وفساد اداري ومالي، ودون ان تكون هناك اختراقات من قبل عناصر سيئة ومجرمة للمؤسسة العسكرية والامنية للدولة.

الى جانب ذلك فأن بقاء مجالس الصحوات على حالها، امر غير منطقي ولامقبول لان الحاجة اما انتفت من وجودها او انها على وشك الانتفاء، وبقائها دون مبررات واسباب مقنعة وملحة، ناهيك عن استمرارها بأستقطاب المزيد من العناصر يمثل توجها نحو ترسيخ وتكريس مبدأ عسكرة المجتمع والترويج لثقافة العسكرتاريا، وهذا امر خطير وينطوي على تبعات واثار سلبية، ان لم يكن على الصعيد الاني-المرحلي، فعلى المدى المستقبلي البعيد، لانه يفضي الى انحسار المجتمع المدني الذي اخذ بالتشكل والتبلور بعد الاطاحة بنظام صدام، من خلال المساحة الواسعة للحرية السياسية والاعلامية والفكرية في ظل افاق رحبة وفضاءات مفتوحة وادوات ووسائل متنوعة للتعبير.وقد لايختلف الامر كثيرا مع مجالس الاسناد، فهي وان اختلفت في التسمية فأنها ربما كانت من حيث الجوهر والمضمون متماثلة-او مشابهة الى حد كبير-مع مجالس الصحوات، مع اختلاف الظروف والاوضاع التي حتمت ورافقت تشكيلها وظهورها.

فمجالس الاسناد راحت تتشكل في محافظات ومناطق امنة ومستقرة، والحكومات المحلية ومجالس المحافظات واجهزة الدولة فاعلة ومتحركة فيها، وراحت تتشكل وفق سياقات بعيدة عن الضوابط الدستورية، وهي من جانب يمكن ان تفضي بشكل او باخر الى عسكرة المجتمع، وكذلك يمكن ان تفضي الى حدوث تصدعات وتقاطعات في البنى الاجتماعية العشائرية بسبب تباين مواقف ابناء ووجهاء وشيوخ العشائر من تشكيلها، فضلا عن كونها من غير الممكن ان تستوعب الجميع، وعلى افتراض تم ذلك فأنه لن يحصل وفق معايير واسس عادلة بالنسبة للجميع.ان الاتجاه الى استقطاب مكونات اجتماعية عشائرية او حتى غير عشائرية وادخالها وقولبتها في منظومات وعناوين معينة واسقاط طابع ولون عسكري عليها يؤدي شئنا ام ابينا الى توسيع مظاهر العسكرة في المجتمع، ليس في داخل الهيكل الرسمي الحكومي للدولة بل في خارجه، في الوقت الذي اخذت تنطلق دعوات من اتجاهات مختلفة لتحجيم وتقليل المظاهر والاجواء والمناخات العسكرية في المدن والشوارع ومختلف الاماكن والمواقع، سيما مع التحسن الكبير في الاوضاع الامنية، والاتجاه الى التركيز-من اجل ضبط الاوضاع الامنية بدرجة اكبر وافضل-على الجانب الاستخباراتي غير المكشوف.

ودون شك فأننا لانحتاج في هذا الوقت الى تشكل مجالس الاسناد، لنأتي بعد عام او عامين نفكر في كيفية دمج افراد تلك المجالس واستيعابهم في مؤسسات الدولة، بل الشيء الصحيح هو توفير المشاريع والبرامج والخطط المناسبة لزج عناصر مجالس الاسناد، او ممن يفترض انهم سينخرطون فيها، في مؤسسات ودوائر الدولة كل حسب تخصصه وتحصيله وكفاءته وقدرته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك