المقالات

حقيقة الدليمية والفسنجون في المطبخ السياسي

2574 23:18:00 2006-10-10

( بقلم : المهندسة بغداد )

ونحن نعيش أيام الشهر الفضيل شهر رمضان الكريم شهر الكرم والعطاء والرحمة والمغفرة  نجد عوائلنا العراقية وكما جرت العادة منهمكة بالتفكير بما ستحتوي مائدة الفطور من خيرات الله فلهذا الشهر تميز في إعداد الوجبات أكثر من أي وقت أخر في السنة على الرغم من انه شيء مكتسب ولا اعلم أصل اكتسابه فتاريخ اائمتنا يعكس البساطة في المأكل والمشرب على خلاف ما نراه اليوم لكنها عادة كما أسلفت ويا ليتنا نحرص على  التزود بالتقوى ونيل المغفرة قدر حرصنا على نوعية الأطعمة  على موائدنا ! والله المستعان على أنفسنا فهو القادر على يعيننا عليها انه نعم المولى ونعم النصير.

واليوم ونحن نعيش أيام صعبة تمر على العراق أيام ظهرت بها الطائفية أكثر من أي وقت أخر فلست من الذين يعتقدون أن الطائفية حديثة الظهور وإنها خطرة وظاهرة مقيتة كاسم فقط  فالطائفية في الإسلام تخصيصا ولدت يوم السقيفة واستمرت لحد اليوم مارة بحياة الأئمة جميعهم ولم نجد إماما ينفيها لكن في نفس الوقت لم يساهم في جعلها خطيرة فالأئمة حرصوا كل الحرص أن  تكون الطائفية سلمية معرفية فلا يمكن نكرانها لان بنكرانها نكران  لمذهبك لو قلت لا فرق بين الطوائف. فالفروق موجودة ولا جدوى من الكذب على الذات  وتعميما نجد العلاقة الراقية التي أسسها رسول الله ص مع بقية الطوائف إذا ما احتسبنا الإسلام فريق واحد مع طوائف الأديان الأخرى فلقد أسس الرسول ص أسس دينية واجتماعية مع اليهود والأنصار تحفظ لكل شخص حقوقه وكرامة انتمائه الديني.

ولأننا هذه الأيام بعيدون  عن فهم وإدراك مفردات كثيرة فلقد ضاعت مفردة الطائفة عند الكثيرين بين من يريد إلغائها ببساطة ولا يعلم انه يريد إلغاء دين ومنهج وبين من يتلاطم التهم مع من يحسبه غريم وليس إنسان اختلف معه فكريا وعقائديا  مبتعدين عن منهج رسول الله ذو الخلق الكريم فما زال الطرف الأخر لا يؤذيك ولا يتدخل في شائنك فمن البديهي مقابلته بذات الشيء وبنوع من الانفتاح حيث انه لا أكراه في الدين. ولكي نكون واقعين فان ما يحصل ألان فاق الحد فالكل يتكلم بالطائفية واعني بها الطائفية العدائية وليس السلمية  يتكلم بها حتى من لا منهج له ولا دين! أصبحت تقليعة كما يقال والشغل الشاغل للناس وتغلغلت في مجتمعنا وأسرنا حتى وصلت لمطابخنا !!!!

فالشخص الذي يتعرف عليك لأول مرة ترى عيونه حائرة ويريد أن يعرف هل أنت سني أم شيعي حتى يتمكن من الكلام بحرية فلم يصل الإنسان العراقي حد أن يكون لديه منطق واحد لا يتغير لأسباب إما تكون أمنية فهو يخشى المقابل أو لقلة وعي ونفاق في المبدأ ورحم الله الصامتين في هذا الزمان. وصادفتنا مواقف كثيرة على هذه الشاكلة ففي عملك يجب أن يعرف الجميع من أنت حتى يجعلونك في إطار مع أقرانك لا فقط لطائفتك فحتى الطائفة الواحدة صارت فروع متضاربة!!

ولأننا نحاول قدر المستطاع أن نحد من هذه الفجوة حيث إنها لا تجلب سوى المشاكل فالمقابل لا يريد المعرفة لمجرد فضول بل ليجعلك إما عدو أو صديق !! فزميلك ما ينفك أن يجعلك تتكلم لكي يستنتج من خلال اللهجة أو من خلال فحوى الكلام من أين تكون !! وأضحكتني محاولة زملائي معرفة انتمائي الديني والسياسي وهم يطرحون أسئلتهم الخجولة والمتباعدة على زميلتهم التي جاءت بعد السقوط  وكانت إجاباتي دبلوماسية جدا نعم أو لا وبعض الأحيان لا تتجاوز إيماءة   لأنني بصراحة أحبب اللعبة فأحببت أن اكسب الوقت قبل أن يضعوني في إطار ضمن مجموعة  وكانت الأسئلة تنهال علي أين سكناكم ؟ اسمك الثلاثي  أسئلة واردة في دائرة رسمية وربما يستنتج منها الإنسان شيئا ؟!!! لكن الأجوبة لا تقرأ شيئا فازدادوا حيرة وبمرور الأيام أصبحت الأسئلة شخصية أكثر فيفاجئني زميل بالسؤال الى أي عمام تنتمين وأي عشيرة ولأكثر من مرة ؟فأجبته بأنني دليمية من النجف !!! في محاولة لإخباره بأنه يتدخل في ما لا يعنيه ومرت مواقف عديدة على هذه الشاكلة الى اليوم الذي جاء زميل وسألني سؤال محاولا أن يكون متحاذقا وان لا يحرج نفسه قائلا مهندسة بغداد تطبخون فسنجون ؟؟ فأدركت الأمر انه يريد معرفة من أين أنا ؟ فالناس في الغرفة التي اعمل بها تريد أن تتحدث في السياسة والدين وتخشى المقابل   وعند سماعي للسؤال انفجرت في قلبي ضحكا فلقد وصلت الطائفية للمطبخ فلو عرفت الفسنجون فأنت شيعي وغالبا نجفي وحتما بنظر البعض هذه صفات الإيراني  وان عرفت الدليمية فأنت من غرب العراق واحتمال كبير تكون بعثي !!! ويبقى السبانخ مفترق طرق فلو طبخته اخضرا  وأطلقت عليه لقب سبزي فأنت من الطائفة الأولى ولو كان احمرا واسمه سبانخ فأنت من الطائفة الثانية !!!! وللحلويات نصيب أيضا فالدهين والحيلاوة كما يلفظها أبناء النجف تهمة بحد ذاتها ودليل إدانة عليك أيها المواطن المسكين فلو كنت مطمئنا بان اسمك ولقبك  عام ولا يحيد لأي طرف فطعامك سيفضحك !!

ورغم إعجابي بسؤال زميلي  إلا أنني نكرت معرفتي بالفسنجون وطعمه قائلة بأنني <سامعة بي ؟!!> ناكرة الساعات الطويلة التي اقضيها مع الوالدة في المطبخ لإعداده  رغم انفي كوني لا أحبه! إلا أن المسألة قد حسمت بمجيء الانتخابات فكل شخص قد عرفت طائفته من خلال تصويته وطبعا كنا نتأمل أن لا تكون أزمة ثقة بين الطوائف لهذا الحد لكنها تحصيل حاصل لما جنيناه من صعاب من جراء الحكم الصدامي فكان لابد من أناس <من عدنة وبينة >كما يقال للوثوق بهم وكانت من ضمن الأسماء التي أطلقت على قائمة ال 169 التي اعتبرها  رمزا وفرحة ورقم جميل مر في حياتي فلقد أطلق البعض اسم قائمة السبزي  في محاولة منهم لتوضيح أن اغلب أعضاءها من أبناء النجف الاشرف ويكفينا فخرا بذلك .

نأمل أن تكون الطائفية سلمية في بلدنا وان لا توثر بشكل سلبي على المجتمع فالحياة تصعب مع هذه التعقيدات ونسال الله التوفيق في مشروع الفيدرالية وبشكل سلمي أيضا وأخلاقي بين أطياف الشعب سواء أطيافا قومية أو دينية . وكنت أتمنى لو أن المشكلة تتلخص فقط بين الفسنجون والدليمية لحل مأساة العراق لطالبت فورا بإلغاء هذه الأكلات من مائدة العراقيين واستبدالها بالبيتزا والاسبكتي الايطالية لو أن هذا الحل يحقن دماء شبابنا الأبرياء الخيرين البسطاء وتمسح الدمعة من عيون اليتامى والأمهات  ياليت الحل يكون بهذه السهولة لكن يبقى الأمل بالله كبيرا في أن يخلصنا من القوم الفاسقين ويفضحهم كما حصل قريبا!! أو أن يهديهم نعم ندعو الله أن يهديهم فالله قادر على تغيير هذه القلوب القاسية بقلوب رحيمة بقدرته ليحفظ الناس من إذاهم  ونسال الله أن يتقبل صيامنا وقيامنا ودعائنا الذي لا ينفك بالفرج لإمام زماننا عجل الله فرجه الشريف وأبناء الحكومة من النزيهين بالتوفيق لسداد الرأي انه سميع الدعاء أختكم المهندسة بغداد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
آل البيت
2006-10-11
إنها قضية سياسية اجتماعية.. وليست بطائفيه.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك