الفدرالية من انظمة الحكم والإدارة المتألقة التي عرفتها البشرية في سنين تطورها الحضاري, وطبقتها معظم الأنظمة الديمقراطية في العالم كما نص عليها دستورنا العراقي الجديد في مادته الاولى.
وللنظام الفدرالي فوائده ومآثره التي يمتاز بها عن بقية النظم الإدارية. حيث يعتبر الحل الناجع للأمراض المستعصية التي تعاني منها الشعوب ذات الاعراق والأثريات والطوائف المتعددة . كما انه يضمن العيش المشترك لكل الاقليات والأثنيات داخل نطاق دستوري وضمن اطار دوله واحده تدار من قبل المؤسسات والمنظمات الدستورية. كما انه يضمن للأوطان التي تنتهجه بالابتعاد عن الدكتاتورية والتفرد بالسلطة من قبل الطامعين والموتورين الذين يسخرون كل ما لديهم من اساليب الخداع والتظليل للناس البسطاء من اجل الوصول إلى السلطة والهيمنة على مقدرات الناس وثرواتهم, فهذا النظام كفيل إلى إن يقطع الطريق ويحول دون تحقيق مآربهم الشريرة. ناهيك على تأمينه المشاركة الواسعة من كل اطياف المجتمع في الإدارة والحكم, دون الاقتصار على فئات واحزاب وشخصيات معينه تتداول السلطة فيما بينها .
ويعطي تنافسا مشروعا بين الولايات في اظهار مدى جديتها واخلاص المتنفذين والإداريين لتولي ادوارهم بشكل يعطي خدمة وطنيه واداء رائعا في تقديم الخدمات والتفاني من اجل مواطني الولاية أو الاقليم بالشكل الذي يتفوق به رعايا الولاية عن بقية الاقاليم. ولا يخفى إن الحكومات المحلية الإقليمية سوف تأخذ مساحه ونطاق اوسع في التحرك والعمل اكثر مماهي عليه في حكومة مركزيه فالحرية في الابداع والبناء والاعمار دون الرجوع إلى المركز تؤدي إلى القضاء على الروتين والمماطلة والابطاء في اتخاذ القرار.
وفي اول تداول لهذا المصطلح في العراق ظهر في شعارات الحزب الشيوعي العراقي التي طرحها بعد ثورة 14 تموز الخالدة عندما كان ينادي بالاتحاد الفدرالي كحل افضل بين الدول العربية من الشعار الذي طرحه القوميون العرب والممثل بحزب البعث في الوحدة العربية بين اقطار الامه العربية وهو شعار شوفيني عنصري يركز دائما على الوحدة ويرى في الدولة المركزية القوية هي الحل الافضل للنظام العربي وبالتالي فهو الغاء وتهميش لكل الاقليات غير العربية المشاركة في الوطن ومن ضمنهم الاكراد القومية الثانية في العراق وبقية الاقليات الاخرى .
اختفى مصطلح الفدرالية ولم يعد له أي ظهور تحت هيمنة حزب البعث وامتلاكه مقادير الحكم لأكثر من ثلاث عقود .الا انه عاود الظهور بكل قوه بعد الاجتياح الاحمق لدولة الكويت من قبل النظام البائد وما اعقبه من انتفاضة الشعب العراقي في الشمال والجنوب على النظام الجائر .ونتيجة للتعاطف الدولي الذي حصل عليه اكراد العراق بفعل الظلم والتهميش الذي تعرضوا له من قبل حكام العراق السابقين منحت منطقة اقليم كردستان حمايه امنيه دوليه من قبل قوات التحالف الثلاثيني آلتي اشتركت بحرب الخليج الثانية لتصبح منطقه امنه لا يحق للقوات الحكومة العراقية وموظفيها دخول حدودها .حيث مهد هذا الأمان الطريق للأكراد إن يقيموا حكومتهم وينش برلمانهم بمعزل عن الحكومة العراقية وادارتها وf ات نبرات الفدرالية تطفو على السطح فلم يعد الحكم الذاتي المتطور الذي منحته حكومة البعث لهم في 1970 بمجدي نفعا لهذا قرر برلمان كردستان العراق في 4 تشرين اول 1992 إن تكون الفدرالية نظاما دستوريا لإقليم كردستان العراق .
تناغمت مع هذا الطرح اغلب الاحزاب الشيعية في المعارضة العراقية لأنها كانت ترى فيه تعبيرا عن مكنوناتها وآلامها من الأنظمة الحكومية التي توالت على حكم العراق في الحقب الزمنية المختلفة لذلك ارتأت في النظام الفدرالي الذي ينادي به الاكراد خير مخرج وحل لمشاكلها ونزاعاتها مع الحكومات المركزية العراقية التي همشت المناطق الجنوبية والوسطى ذات الأغلية الشيعية وحصرت كل المناصب والوظائف العليا في الدولة لأهل السنه والمناطق الغربية تحديدا وكأنها من مواطني الدرجة الثانية وليس من مواطني العراق الاصلاء . فكان شعورها بالحيف والغبن الذي لحقها لسنين طويله وهي التي تطفو على ثروات العراق النفطية دون إن تسخر تلك الثروات والموارد لصالح المنطقة وسكانها بل كانت تحت تصرف الحكومات الطائفية ولا يصيبها الا الفتات من تلك الثروة .هذا الشعور بالقصور والإحباط من قبل الشيعة في المعارضة دفعهم إلى إن يقفوا مع الاكراد في تقرير مصيرهم .ففي مؤتمر المعارضة العراقية الموسع الذي عقد في صلاح الدين نهاية تشرن اول 1992 كان الاكراد يصرون على إن يقرر المؤتمر الوطني منحهم الحكم الفدرالي في اطار الجمهورية العراقية الا إن المؤتمر تعرض لضغوطات وتدخلات من قبل الدول الإقليمية بعدم اتخاذ مثل هذا القرار الخطير في الوقت الحاضر بحجة إن المعارضين لا يمثلون الشعب العراقي واطيافه وهذا القرار المصيري ليس من حقهم
https://telegram.me/buratha
