طيب العراقي
من المؤكد أن مقاربة القضايا الكبرى، سيما تلك المتعلقة بمصائر الأمم والشعوب، يجب أن تكون من خلال رسم خارطة طريق، تعتبر بمثابة الفنارات؛ التي تنصب في أماكن بارزة من الموانيء، لتهدي السفن نحو المرافيء الآمنة في الليالي المظلمة، خارطة الطريق هذه لا يمكن رسمها إلا بالتخطيط الإستراتيجي.
التخطيط الاستراتيجيّ (Strategic Planning)؛ هو عمليّةٍ منهجيّةٍ تسعى إلى تحقيق تصوّرٍ واضح، حول مستقبل شيء ما، من أجل ترجمته وتحويله إلى أهدافٍ؛ تعتمد على سلسلة من الخطوات، وهو بالتالي عملية رسم الأهداف العامة لقضية ما، خصوصا تلك التي تحتاج إلى وقتٍ طويل للوصول إلى نتائجها، ومن ثمّ اختيار الوَسائل المُناسبة لتنفيذها، وبذلك فهو الوسيلة التي تساعد المعنيين بالقضية جماعات وأفراد وقادة؛ وخصوصاً التنفيذيين منهم؛ في تحديد الإجراءات المُناسبة لتحقيق أفضل النتائج، بالاعتماد على استخدام الموارِد المتاحة في بيئة القضية والمتعلقة بموضوعها.
قضية شائكة ومعقدة كقضية الأمة الفيلية، ومحاولة وضع المشكلات المتعلقة بها على طريق الحلول، تقتضي أولا "إستشعار" Sensor) ) لشعور جماعيA collective feeling) ) من قبل أبناء الأمة الفيلية، لأبعاد قضيتهم وعمق مظلوميتهم، وتفهم عمقها التأريخي وابعادها الزمكانية، وإنعكاساتها على واقع وحاضر أبناء الأمة ومآلات مستقبلهم، فيما أذا أستمرت عوامل النسيان والتناسي؛ والتهميش والإقصاء والتجاهل المتعمد تفعل فعلها، وفيما أذا تحولت من قضية كبرى؛ بكل مديات القضايا الكبرى الإستراتيجية، والتفاصيل الإنسانية العميقة، الى مجرد "مشكلات" صغيرة فردية، تعالج كل على حدة وفقا للأطروحات المطلبية، التي يسهل التعاطي معها بالأساليب التمييعية المعروفة.
"الإستشعار" يتم إبتداءا؛ من قبل نوعية مميزة من أبناء الأمة، ليس مصادرة لرأي الجماعات ولكن نيابة عنها، لأنهم يتوفرون على ملكات ومهارات؛ تتيح لهم التعاطي مع تفاصيل القضية بإحترافية عالية، هؤلاء هم النخب والكفاءات الأكاديمية الفيليية، وقادة الرأي والباحثين التأريخيين والأنثربولوجيين، والمفكرين والإعلاميين، ورؤساء التجمعات السكانية الفيلين، والشخصيات البارزة في المجتمع الفيلي، وشيوخ العشائر والمنخرطين بالعمل السياسي، والعناصر الشبابية الفاعلة، والناشطات المدنيات الفيلييات، ورجال الدين والمنتظمين في الروابط الأجتماعية والدينية والشعائرية، والعاملين في الجمعيات الأنسانية والخيرية، والبارزين في تجمعات الفيليين في المهاجر خارج الوطن، واينما تكون هناك جماعة من الفيلين، والاعتماد على الاستعانة بالخبرة العمليّة، والأسلوب الدقيق في تطبيق التخطيط؛ في الجوانب العملية التي تتطلبها نهضة الأمة الفيلية.
يتحرك الأفراد"النخب" الذين يرتبون أوضاعهم وينظمون صفوفهم، بمجاميع تخصصية كل حسب ميدانه وبيئته، على شكل "نوى" ((Naturesـ جمع نواة ـ، كل نواة تعنى بهمومها وقضاياها؛ التي هي بالتالي أجزاء وتفاصيل من القضية الكبرى، وتصب بها كروافد للمُساهمة في تحديد إطارٍ زمنيٍّ، لتطبيق الخطط الأستراتيجية الأساسية، من خلال وضع وتصميم الخطوات الخاصّة بكل جماعة، والتي لا يجب أن تتخذ بمعزل عن الـ"نوى" الفيلية الأخرى.
لكي لا تموت القضية الفيليية مثلما يرغب بذلك أعداء الأمة الفيلية ويعملون عليه بلا كلل، كحرب مفتوحة ضد الوجود الفيلي كنوع إنساني، يجب أن لا تتحول "النوى" الفيلية بمختلف تنوعاتها، الى جزر معزولة بعضها عن بعضها الآخر، بل يتعين أن يتحول التواصل الفردي والشخصي بين الفيليين، الى وسيلة لتجسير العلاقة بينهم كجماعات، تتحول في نهاية المطاف الى كتلة متراصة، محدد بـ"إطار" ( (Frameworkواضح ومحدد المعالم، للفيليين كمجتمع إنساني، ولقضيتهم كقضية أمة بكل أبعاد الأمة إنسانيا.
من البديهي أن هذا "الإطار" الفيلي، يحتاج الى عناصر متقدمة قادرة على التوجيه والقيادة والسيطرة، والتحدث نيابة عن الأمة للمطالبة بحقوها والنهوض بمسؤوليتها أينما يتطلب الأمر ذلك..أولئك هم (Leaders) الثلة القيادية الفيلية؛ التي تقدم مصالح الأمة، على أي مصلحة فرعية أخرى، وبضمنها مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية والعشائرية.
تعالوا نسير معا على هذا الطريق، لنصل الى حقنا في الوجود كأمة.
........................
https://telegram.me/buratha
