قيس قاسم العجرش
الوجود صراع ..أم صراع للوجود ..لا فرق ..الإثنان ينبئآن أن الثقافة تتصارع الآن ، لكن المهم كيف تتصارع ومع من تتصارع.
صحيح ان خندق المثقفين يزمن في انحصار تعريف الثقافة بآلياته جاعلاً من إنكار الآخر القوي بالحديد أو بالمال كردوساً لا مغاليق ثقافية فيه ..صحيح أن اول أسلحة الثقافة ألا تعترف بان للآخر المعتدي ثقافة من الأصل ..هذا صحيح الى حد بعيد ، وإلا فكيف يمكن لمليشيا تطالب بثار الله أن تفتح بابا ثقافياً مثلاً تنجز الثار عبره؟.
كيف يمكن لصوت الغريزة( الغريزة في المثال العراقي الساعية الى الجاه والمال والنساء حصراً) ،الغريزة إذا ما صارت منهجاً سياسياً ، ان تقنعنا بانها تخاطب "بثقافتها" وبلغة الغريزة! الذات العاقلة فينا؟ عليها أن تقنع الثقافة أولاً أن الغريزة والعقل امران لا اختلاف فيهما.اليس هذا صعباً ؟
كل هذا يدعو الجميع أن يستتر .
كل هذا يجعل من نقيع الحروب الجانبية وغبارها العالي والذي يتصدر مشهد الحدث لدينا يجعل منه المكان الملائم جداً للحرب المستترة .
حدّثنا عدد غير قليل من شهود الحرب العراقية الإيرانية بالقول إن حالات الإنتقام المتبادل بين الجنود وضباطهم أو بين المقاتلين أنفسهم ،كانت تحدث بسهولة خلال اشد لحظات المعارك العاتية ، تلك الثارات كانت تخرج الى العلن في لحظة الإنشداه والمخيال المرعوب من صوت النار وحرارتها وهلع الموت.
في لحظات الخوف من الموت ما يكفي من الفوضى اللازمة لجبن الإنتقام ان يظهر.
لا عجب إذا ان نكتشف اليوم أن أكثر منجزات الإنتقام تأخذ حيزها مع دوران الرقاب جميعها باتجاه حدث معين .
المنتقمون خاصة من ذوي الآيدولوجيا الغرابية( غربان لا هم بطيور ولا هم بعصافير) ، سيجدون في الأحداث السياسية الكبيرة والعارمة في فوضويتها لحظة مناسبة كي يخرجوا السم الأسود المنتقم.
ثم يعودون بصمت الى مقاعدهم "الثقافية".
هؤلاء في العادة يجلسون في الصف الأخير من العقلاء يحملون معهم في حربهم المستترة كل اسلحة الغدر شرط أن تختفي في أكمامهم.
هؤلاء كما يقول غيرهارد شرويدر، المستشار الالماني السابق، يمكن ان يتوقفوا قرب مكان حادث سير ليسرقوا محفظة رجل يشارف على الموت ثم يستأنفون حياتهم ليكونوا كما يريدون ان يبدوا أمام الناس ..اسوياء ..اقوياء..مثقفين ! ياللعجب.
https://telegram.me/buratha
