محمد حسن الساعدي
يحدثنا التاريخ كثيراً بين أسطره عن ملاحم صنعها رجال ، وبحق شعوب بشعلة الرجال ، فكانوا أداة التحرر ووقود الشهادة ، وأمسى هولاء تاريخ لوحده يقف عنده الأحرار بكل أجلال وإكبار يتذكر تلك المواقف الشجاعة والتي كانت وما زالت نبراساً للأجيال القادمة ومن هولاء الرجال السيد محمد باقر الحكيم نجل الإمام محسن الحكيم (رحمه) الذي بذل النظام الصدامي كل جهوده من أجل الوصول إلى معارضيه في الخارج والقضاء عليهم ومن ضمنهم السيد الحكيم فقد كانت أجهزة النظام البعثي القمعية تعمل بشكل مستمر على اختراق المؤسسات والتنظيمات التابعة للحكيم إلا أنها لم تفلح في تحقيق أهدافها باستهدافه ،
وعلى الرغم من تعرضه للاغتيال عدة مرات إلا أنها باءت جميعها بالفشل ، وأستمر الحكيم في مشواره الجهادي والتضحوي من أجل هدفين رئيسين هما كشف مظلومية الشعب العراقي ونقلها إلى العالم والعمل على خلاص شعبه من هذه الطخمة البعثية الجاثمة على صدر العراق حيث سعى بكل ما يملك من جهود سياسية وإعلامية إلى طرح مظلومية العراق وشعبه في المؤتمرات والندوات وفي غرف وقاعات الأمم المتحدة ، إلى جانب البيانات والتصريحات التي تُعرف بهذه المظلومية .
أن حالة الإيثار والتضحية والروح الحماسية تعد من السمات المميزة لدى طلبة العلوم الدينية (الحوزة العلمية) في النجف الاشرف لاسيما الشخصيات التي رافقت تقلبات الأوضاع السياسية والاجتماعية في العراق والمنطقة خلال عقود قرن العشرين ، ألا أن الشعور الثوري لم يغب عن أفكار وتطلعات رجال الدين العاملين الذين قدموا الكثير من الفكر والنهوض بالواقع الثقافي في ظل الصراعات السياسية والثقافات التي تتعارض مع الدين الإسلامي التي كانت سائدة آنذاك ، فشهدت الساحة السياسية في العراق مطلع عقد الخمسينات من القرن الماضي تحول كبيرا في مجريات الإحداث حيث أصبحت المرجعية الدينية صاحبة القول الفصل في مجمل الإحداث وصاحبة الكفة الأكبر في موازين القوى ، خاصة مرجعية الإمام محسن الحكيم والتي باتت أكثر اتساع وانتشار بين أبناء المجتمع العراقي والإسلامي لاسيما بعد التصدي للأفكار السياسية التي تحاول بناء مجتمع على أساس ما تتبناه الأحزاب التي استوردت أفكارها من الخارج أمثال الحزب الشيوعي الذي تبنى الأفكار الماركسية الداعية إلى تجريد الفكر من الروح الدينية وأيضا حزب البعث الذي تبنى الأفكار القومية الطائفية التي تحاول جعل العراق حكَر على عرق معين مقابلة أبادت الأقوام والأعراق الأخرى.
سيبقى شهيد المحراب(قدس) ذلك الرائد الذي نهل من مشارب الحوزة العلمية وعاش بين أكنافها ثائرا وقائدا وسياسيا ساعيا إلى تخليص العراق من براثن البعث وأزلامه ليكون من أوائل الذين دخلوا الوطن بعد التغيير في ٢٠٠٣ حيث استقبل بحفاوة كبيرة من الشعب العراقي ليبدأ برسم معالم العراق الجديد بدولته العصرية والتي تحترم فيها كافة الأطياف والقوميات ويعتمد فيها مبدأ(المواطنة) كأساس لبناء دولة ديمقراطية اتحادية فكانت أفكار ومتبنيات شهيد المحراب الأسس السليمة في بناء المجتمع العراقي سياسيا واجتماعيا حتى أن شعر أعداء العراق بتأثيره في مرحلة ما بعد التغيير ليعبروا عن حقدهم الأسود واغتياله في الأول من شهر رجب الموافق ٢٩ أب ٢٠٠٣ داخل الصحن العلوي المطهر لتكن تلك آخرة محطة في طريق الشهادة الذي رسمه احد ابرز رواد التحرك الإسلامي في شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم .
https://telegram.me/buratha
