أحمد سلام الفتلاوي
بلا ادنى شك أن زيارة الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني الأخيرة إلى العراق كانت تهدف إلى أبعد من أن تكون مجرد زيارة ولقاءات ثانوية تعقد وتستغرق لثلاثة ايام ، بل تعد اكبر من ذلك عندما توجت الزيارة لمراجع الدين الكرام فأعطت زخماً اعلاميا اكبر ً وحدث مهماً ، وهي رسالة واضحة ومعبرة عن تطلعات ايران بطلب الحماية او الدعم الكبير من قبل المرجعية الدينية في النجف الاشرف ، ازاء ما تعيشه ايران اليوم من ازمـة اقتصادية خانقة ، او تزامنها مع تصاعد تأثير العقوبات الأمريكية على طهران ومساعي إيران لتقليل آثارها عبر البوابة العراقية ، أو التطلع نحو ضرورة تذكير الأيرانيين بالقواسم التاريخية والثقافية والعقائدية المشتركة التي تجمع البلدين، أو محاولة مواجهة الضغط الأمريكي الأخير الذي حصل ابان تسنم العبادي ادارة الحكومة السابقة . هو أراد < روحاني > أن يلعب الورقة العراقية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلاده ضد أمريكا ففاجأه الأمريكان بحجم قوة الزيارة ، و توقيتاتها المهمة ، ونتائجها الكبيرة ،
رغم كل ما يقال حول نجاح العراق وإيران في اعتماد البراجماتية لحماية مسار علاقاتهما الثنائية فإن هذه المقولة لا تنطبق على سياساتهما الإقليمية في التعامل مع أكثر من ملف وقضية لايمكن للجانبين، حتى لو كانت مواقفهما أمام العدسات تقول شيئا آخر، أن يتجاهلا حقيقة اتسام العلاقات العراقية الإيرانية تاريخياً بالصراع والاصطفافات المتباعدة في الشرق الأوسط طيلة العقود السابقة ابان حكم الطاغية صدام .
ان العامل الاقتصادي كان من ابرز الملفات الحاضرة في المباحثات الثنائية بين البلدين بما لة من أهمية كبرى بعدما بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وأيران 12 مليار دولار، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول بنشاط كبير الحد من علاقات ايران الإقليمية، إلا أن ثمة حالة عكسية وتطورت في اتصالات طهران الخارجية ، فبوضعها على حافة عزلة عن الدول الغربية، ركزت ايران اهتمامها على جيرانها في المنطقة ، ولطالما كان العراق من بين أولويات الجمهورية الإسلامية ، أما سياسيًا، فاجتماع روحاني مع المرجع الديني الكبير ، آية الله العظمى السيد علي السيستاني ذي النفوذ الواسع ، والمتحفظ في اتصالاته بمسؤولين عراقيين وكذلك مسؤولي الدول الأخرى ، يلعب دورًا مهمًا ، في احياء العلاقة التاريخية والدينية بين البلدين .
اضافة الى العامل السياسي فأن زيارة روحاني وهي ضربة حقيقة وفعلية موجعة لكل الجهود الامريكية الرامية والتي اتضحت ملامحها خلال الأشهر الماضية لبناء تحالف عربي أمريكي صهيوني ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية مؤتمر _ وارسو انموذجاً _ .
إذن تأتي الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين بغداد وطهران ، علاقات بين الدول المؤثرة و " النشطة " والتي اصبحت تتحكم بسياسات المنطقة بشكلٍ مؤثرٍ على الطموح والتوسع الامريكي ، وتحجيم دورة ، وهو الأمر الذي يجعل من الزيارة محطة ضمن مسارٍ استراتيجيٍ يجمع الطرفين ونقطة التقاء المصالح المشتركة ، التي تحفظ السيادة لكل البلدين
https://telegram.me/buratha
