زهراء سعد الموسوي
سمعنا الكثير الكثير عن الفساد وعن مكافحة ذلك الفساد.. سمعنا ذلك من مسؤولين كبار، وشخصيات أكبر، إلا إنه من المؤلم حقاً، أن يكون من تصدى للفساد؛ هو ذاته الذي يرعى ذلك الفساد، ويدعم أولئك الفاسدين، سواءً شعر بذلك أم إنه لم يشعر- وأنا على ثقة تامة بأن الإحتمال الأول وارد جداً- فالفساد قد أصبح دولة قائمة بذاتها.
ذات يومٍ مررت بمشروع كبير، ضخم وعملاق، ويُعَدُ من المشاريع الإستراتيجية، وكان قد توقف العمل في هذا المشروع، لعدة سنوات، سألت أحدهم- من باب الفضول- عن تفاصيل المشروع، من قبيل التكلفة، وعن الجهة المنفذة، وعن أسباب تلكؤ هذه الجهة في الوفاء بإلتزاماتها ببنود العقد الخاصة بتنفيذ هذا المشروع.
كان الرد صاعقاً بالنسبة إلي، عندما تبين لي بأن هذا المشروع هو إمتياز خاص، لشخصية كبيرة ومسؤولة في الدولة، بحيث كانت لهذه الشخصية المتنفذة الحصة الأكبر، وقد أحيل المشروع وبصورة ثانوية لمقاول آخر.
بعد أن لملمت أطراف الحديث، خلصت إلى حقيقة مؤلمة، وهي إن الأموال التي خصصت لبناء هذا المشروع، قد ذهبت أدراج الرياح، وإن الفتات التي تركها صاحب الشخصية المتنفذة، للمقاول الثانوي لم تك كافية لتغطية ربع تكاليف بناء ذلك المشروع؛ مما أدى إلى خسارة المال والمشروع والشرف.
لعل الخسارة الأكبر تكمن في عدم وجود أجوبة مقنعة، بسبب حالة الخوف من الإقدام على السؤال أو الإستفسار، والتي قد تواجهها علامات استفهام كبيرة.
قيل لي لا تسألي يا إبنتي؛ فقد يكون في ذلك سبباً لقتلك؛ لأن مافيات الفساد قد دأبت على تصفية كل من يوقد نار السؤال والبحث عن الإجابةِ، كما إنك لن تحصلي على جواب شاف، فالمشروع قد إنتهى وإندثر، وقد توقف العمل فيه منذ زمن، وقد سرقت تخصيصاته المالية، فليس ثمة مشروع، إنما هي بقايا مشروع، من حديد وكرفانات مهجورة خربة، فلا جدوى من السؤال فقد انتهى كل شيء .
مشاريع وهمية، وسراب في قيعة يحسبه الضمآن ماءً، هو ما يمكن أطلاقها على مشاريع النفوذ الحصرية التي في طرفها حَورٌ.
https://telegram.me/buratha
