المقالات

ربوةٌ رابية...وجنةٌ بعيدةُ المنال

1728 2019-04-18

حلا الكناني

 

يُحكى ذات يوم عن بلدٍ من بلاد العرب له من الأوصاف ما لا يدانيه فيها احد، فأرض السواد، وأرض الرافدين، وأرض الانبياء، وموطن الحضارات، وأرض عليٌ والحسين، وغيرها كُثُر لايسعُ القلم أن يُحصيها عددا.

كان ذلك عراق الخير الذي فيه من الكنوز ما يغبطه بها الاولون، والآخرون، هواءه العذب، وسلسبيله الزلال المتدفق عشقا لأرضه، ونخيله الباسقات التي ما انحنت يوماً إلا لخالقها، وارضه الولود التي تهب الحياة كل لحظة،و جنائنه المعلقة التي تحاكى بها الزمان، وسحرت الأذهان، وجمالها البابلي الذي سلب القلوب من الأكنان، وقيثارته السومرية التي عزفت تاريخا بأجمل الألحان، وقصة حضارة اجتمعت حولها كل الحضارات.

لم يكن كل ذلك نسج من خيال، بل وقف الخيال حائرا في أوصاف بلادي التي أهدت للبشرية عنوانها، وخلّدت امجادها، فوهبتها القلم، وعلّمتها الكتابة، ومايسطرون.

مأمناً لكل خائف كان وطني، وحضنا دافئا كحضن الأمهات، ولطالما تحاكى الناس عن معنى العدالة، وأجمعوا امرهم ان لا وجود لها، وأن البشرية تعيش اوهامها، وفي بلد امير المؤمنين علي عليه السلام كان الامر مختلفا، كاختلاف الليل، والنهار، ففيه خُلقت العدالة، وفي كنفه ترعرعت، وارتسمت كل معانيها في أزارٍ نزع عنه كِبر الدنيا، وغرورها، وصار موئلا لكل بسمة بريئة غادرت الشفاه، وكأنه سفينة مثقلة بما حملت وتقول هل من مزيد.

كان ذلك علي قطعة من نور أضاءت الدنيا قسطاً وعدلاً، تتصارع فيه الخصال والأوصاف، فتقف إحداهنّ عاجزة عن الأخرى، فكلّهن لعليّ، وعليٌ كلّه عدالة حتى في صفاته.

سرعان ما تلاشت احلام العصافير كريشة تقاذفتها الريح من كل مكان، واستقرت بها في ارض مقفرة، لا يوجد فيها سوى إبليس ومن تبعه من الشياطين، الذين اعدّوا العّدة ليُطفئوا ذلك النور الربانيّ، الذي يخشون توهجه، فخرجوا من أجداثهم ملعونين بثياب الخيبة، وانتشروا شر انتشار، واجمعوا امرهم ان يقتلن احلام اليتامى مصبحين، فكمنوا للمولى عليّ بضربة أضاعت معها الإنسانية جمعاء.

تلاشت الاحلام ،والعدالة، والصدق، والأمانة،والرحمة، والمحبة، وكل واوٍ يمكنها أن تعطف مزيداً من الصفات على معطوفها، ولن تنتهي الواو العاطفة تلك إلا بانتهاء ألم فقد امير المؤمنين عليه السلام الذي لا انقضاء له ولا أمد.

منذ ذلك الحين ضاع وطني، وصار أشباهُ وطن، صار حلماً اودعناه على جناح طيرٍ ليس له من سبيل،وغنيمةً انقضّت عليها غربان الشرّ، وما ابقت فيها إلا قليل، وقصيدةً هجرتها القوافي، وآثرت الرحيل، فغابت شمس الارامل و الثكالى بلا اثر، ولا دليل.

ربوة رابية كان العراق، و بعد عليّاً غدا جنة خاوية، وتاهت منه الحروف عن اصل معناها، فالعين عيون وينابيع اختفت،والراءُ ربيع ارتحل، والألف أُلفة ووحدة صارت شتاتاً وفِرقة، ولم يتبق من حروفه سوى القاف فقلّة بعد كثرة، وقسمةٌ ضيزى بعد عدالة، وقهرٌ وظلم لايعرف مداهُ إلا الله.

............................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك