أحمد كامل
شدني الفضول ذات مرة لقراءة أحد الكتب، والذي وَلَدَ ضجةً إعلامية واسعة، ودوى صداه في العديد من دور النشر والمكتبات، والذي حصلوا بفضل بيعه الربح الوفير .
لم اشتر الكتاب ابتداءً، وكالعادة بسبب القضية المادية البحتة، فبدات بتحميل الكتاب من الإنترنيت للإطلاع عليه بصورة موجزة او عشوائية، وفعلا بدأت بقراءة الكتاب مع شغف كبير من أجل الإطلاع على ذلك الكتاب الذائع الصيت فقرأته حرفياً، حتى وصلت إلى ثلث الكتاب، لعلي أقتنع بما كتب ببعض طياته .
لكني لم أرى محتوىً فيه سوى تسطير جمل، وحشو كلمات حتى أنه وصل في سرده إلى وصفِ قطةً بأربعة أسطر !! بعدها إنتهى فضولي في اكماله لأني شعرت بملل ونعاس شديد، وتعجبت كثيراً لهذا الهول الإعلامي الذي صدح وتغنى في كتاب ليس له أي أثر إيجابي اوسلبي على القارئ، ولا أعرف هل من المعقول أن ذوق القارئ قد نزل عن مستواه، أم هي مجاملة للكاتب، أو بسبب شهرة الكتاب تجعل القارئ مضطراً لقراءته خشية تداول الأسئلة بشأنه خلال الجلسات الأدبية أو من ناحية فضول الإطلاع .
وفي وقتٍ لاحق وأنا أتطلع ذات مرة على تعليقات القراء في المواقع الأدبية على صفحات التواصل الإجتماعي، حينها قرأت تعليقاً لأحد الإخوة وهو يشجع القراء على قراءة كتاب تجاربي للكاتب الكبير محمد جواد مغنية، فعاد فضولي أيضاً لقراءة ذلك الكتاب، والذي يتحدث عن سيرة مغنية وحياته العلمية والأدبية وشرح معاناته في طلب العلم والمعرفة وتحمله مشاقٍ ومعاناة لا توصف في سبيل الوصول إلى مدينة العلم والعلماء النجف الاشرف، وبدأت أتصفح ذلك الكتاب أيضاً على الإنترنت، وقررت شراءه وبدأت قراءته، وكلما انتهيت من صفحة أجد الصفحة اللاحقة متعلقة بها ولا يمكن تأجيل قراءتها، حيث شدني فيه أسلوبه المؤثر حتى وصلت إلى الصفحة 60 وهو لايزال يسرد بدايات حياته العلمية.
حينها تأثرت به كثيرا عندما قرأت معاناة مغنية، وهو يواجه المصاعب الشديدة، وكان وقعها على نفسي مؤثراً بصورةٍ كبيرة، حتى صرتُ أنظر إلى نفسي كم أنا ضعيف ولا أتحمل عشرُ ما تحمله مغنية، من أجل أن يغذي نفسه بما تطمح، ويشبع رغباته بما تطلب، حتى صارت تمرُ بي مواقف كثيرة فيها إختبارات للصبر أو السعي في الحصول على المعلومة.
حينها اتذكر مواقف مغنية وزادت نفسي اصراراً،فما أقوله أن الكاتب يفترض أن يكتب لقصد الوصول إلى نفسية القارئ والتعمق بها، ثم التأثير فيها، بغض النظر عن نوعية الكتابة، حتى في القصص الروائية يفترض العزف على وتر التأثير في نفسية القارئ، ومحاولة إخراج الروح الطيبة وإعادة تنشيطها، وتنمية قدراتها، لتكون ذات تأثير واضح بين المجتمع، لا الكتابة من أجل السرد الدرامي الذي هدفه إملاء الصفحات من دون معنى.
https://telegram.me/buratha
