المقالات

الاعلام ومستقبل العالم


جهاد العيدان

 

الاعلام ليس السلطة الخامسة وحسب كما كان يسوق له او كما يسمى سابقا بل بات مصدر صناعة الاحداث وتشكيل الراي العام واستقطاب اللاشعور البشري بالشكل المرسوم وبالطريقة المطلوبة .

هناك معادلة في الاعلام تتلخص في ثلاثة ابعاد او اضلاع وهي الحدث او الازمة - الراي العام - الخبر حيث يمكن صناعة الخبر من الحدث او صناعة الحدث من الخبر وهذا يخضع لقدرات مؤسسة الاعلام ومدى اخضاعها للعوامل المتاحة للتاثير ,ومن ثم ايجاد حالة التفاعل التزاوجي بما يرتبط بالاهداف لان صناعة الخبر او المعلومة التي تخصنا وتخص تاريخنا وقضايانا لابد وان تتساوق ومبدأ التأثير وصناعة الرأي العام المحلي والعالمي خاصة في ظل الحرب الإعلامية المضللة والمزيفة التي تتعرض لها بلداننا الاسلامية .

 ان دور الاعلام في صناعة الراي العام يمر بعدة قنوات وبوتقات تتضافر في خلق ذبذبات تاثير لاشعوري قد يتحول الى ايجابي او صادم لذلك امرنا الاسلام بالكلمة الطيبة لما لها من اثار ايجابية ومعنوية تخلق روحا انسانية مبدعة وتنفي العوامل السلبية وتمحقها من واقع الادران في النفوس وفي العقول وفي الواقع المعاش .

والاهم هو المصداقية والتعاطي المهني مع الاخبار ومع حالة الوعي اضافة الى الجوانب الفنية والتماس الفعل التاثيري وفهم الواقع المطلوب للعمل الاعلامي فيه بعيدا عن نقل الصياغات والاليات الخبرية من مجتمع الى اخر لان لكل مجتمع متواضعاته وقيمه وافكاره التي لاتنسجم او تلتقي مع افكار مجتمع اخر مما يصار اليها ترجمة الذبذبة او المعلومة الخبرية بحيث تتساوق مع عقلية المستمع او المشاهد او المتلقي.

وينقل لي احد الاخوة الذين عملوا في اذاعة البي بي سي ان اي اجتماع سياسي لكادر الاذاعة او التلفزيون لايتم الا بحضور ممثل لوزارة الخارجية ومتخصص بعلم النفس واخر بعلم الاجتماع من اجل رسم الخطوط العريضة للتاثير وجذب المتلقي للتعاطي مع المحطة ومع رؤيتها وتحليلها للاحداث كما يتم من خلال اطلاق المعلومة تشكيل قناعات ومالات تخضع للمؤثرات النفسية واللاشعورية التي تم تمريرها من خلال صياغة الخبر او البرنامج حتى ان برامج هذه الاذاعة يتم استحداثها وفقا لمتطلبات المصلحة العامة.

, كما يجب استثمار دور وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعلي وامتلاك محركات البحث الخاصة بإعلامنا وتكنولوجيا الاتصالات باعتبارها الحامل الأبرز للإعلام ما يمكننا من إنتاج المعلومة والصورة ووسائل حملها ونقلها وبثها للتأثير في تكوين رأي عام مؤيد للقضايا السياسية والوطنية التي تهمنا, وكيف يتفاعل الاخرون وكيف يوجهون وكيف يتكاملون مع الاهداف المرسومة والمتوخاة من صناعة المعلومة او الخبر بالشكل المناسب والمطلوب بحيث يؤدي او ينتج تداخلا بنيويا ووظيفيا للمعادلة الثلاثية ليؤدي الى تشكيل الرأي العام وقناعاته ، أو يسهم في هذا التشكيل أثناء القيام بوظيفته، سواء تم ذلك في الأوضاع العادية أو أثناء الأزمات، وسواء حدثت هذه الأزمات بسبب الفعل الإعلامي كفعل تضليلي أو تحريضي أو استقصائي أو بمعزل عنه فوجد نفسه شاهدًا على الأزمة أو جزءًا منها.

ولا شك أن الثابت في هذه العلاقة هو حضور اثنين من أطرافها على الأقل بصورة دائمة، وهذا الحضور لا ينفك يستدعي الطرف الثالث في المجتمعات الحديثة التي يصعب عليها الاستغناء عن خدمات الإعلام، كما يصعب عليها تجنب حدوث الأزمات، واتخاذ القرارات في غياب الرأي العام أو عدم أخذه في الاعتبار.وبالتالي فان الاحداث السياسية الكبيرة لايمكن التسويق لها الا باعلام بحجم تلك الاحداث اوبحجم الاهداف المتوخاة منها لذلك وجدنا اطلاق قنوات كبرى كالعربية والجزيرة قبيل احداث الحرب في افغانستان والعراق.

كما كان لهذه القنوات الدور الكبير في اخضاع ثورات مايسمى بالربيع العربي للانحراف والخروج عن المسارات الممكن ان تتوجه اليها .كما ان العالم اليوم محكوم بفعل المعلومة التي قد تفجر حربا وقد تغير موقفا وقد تخل بالتوازنات او المعادلات السياسية , ان حرب الاعلام اشد وطاة من كل الحروب لان الواقع الدولي بات يعتاش على وسائل الاعلام , باعتبارها ثقافة الجيل الجديد والمحدد لافكاره واحلامه ونظرته للحياة ..الاعلام بات باساليبه وتقنياته ومحركاته النفسية والفكرية يرسم المعايير الجديدة في المجتمعات ويصيغ بشعور ولاشعور الكثير من الرؤى والمتواضعات.

 والا كيف يمكن استساغة ارتداء بنطلون ممزق من قبل الشباب وتقبله بتلك العقلية على انه موضة او لباس حضاري رغم المساوئ الكبيرة والفاضحة التي هي واضحة للعيان ولكن التاثير الاعلامي المسمى بالموضة استطاع ان يسوق لنا هذه الملابس وان تكون موضع تقبل من لدن الشريحة الشبابية المنبهرة بهكذا مظاهر تبدو لاجيالنا السابقة بانها مضحكة وموضعا للسخرية , هكذا يلعب الاعلام دوره في قيادة العقول وخلق القناعات وتوجيه المؤثرات عليها .

 وهكذا تقبلت بعض المجتمعات داعش الارهابية وانبهرت بها لدرجة ان بعض المخدوعين يصدقون مزاعمها بخصوص الجهاد والقتل والعشاء مع الرسول الاكرم(ص) وكأن الرسول يقيم حفلات للقتلة والارهابيين . فالاعلام يبقى من اهم المؤثرات الاقناعية لولوج العقل الباطن واستخدامه كمظلة او منصة لتمرير الاهداف والغايات والمصالح الانية او المستقبلية المتوخاة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك